فتاوى معاصرة ج1

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فقد قدَّر الله لي -بعد عملي برهة من الزمن في سلك القضاء- قَدَرًا سعيدًا كنت ولا أزال أحسبه منتهى الغاية ونهاية المراد فيما ألتحق به من وظيفة وهو العمل بمكتب شيخنا العلامة فخر الزمان أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان-حفظه الله- مع لفيفٍ من أهل العلم والتقوى المشتغلين بالفتوى؛ إذ ذلك مقتضٍ صحبة هؤلاء الصالحين الأمجاد، وأي شرف أخروي أو دنيوي يعدل ذلك في زماننا؛ فقد اجتمع أهل العلم والدراية والتقوى -ولا أزكي على الله أحدًا- في هذا الموضع، ولك أن تنظر ما الذي يعنيه أن تصبح كل يوم وأمامك هؤلاء الناجحون الأبرار.
وكان من نتاج ذلك فتاوى متعددة منها ما يكون ممارسة لعملي الرسمي القائم على الإجابة عن أسئلة المستفتين، وهذه يشرف على اعتمادها قبل إعطائها السائلَ ونشرها سماحة شيخنا الخليلي -حفظه الله- أو شيخنا العالم سعيد بن خلف الخروصي -رحمه الله- أو شيخنا الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي -حفظه الله-.
ومنها أسئلة مستفتين تصلني عبر الوسائل المختلفة المباشرة وعبر البريد والهاتف، وقد تجمَّع من ذلك كثيرٌ بفضل الله بعد أن كنت أحتفظ به مكتوبًا، وقد أرجع إليه بين الوقت والآخر مفصِّلًا ومحدِّثًا إن كان هناك مقتض.
فجاء في النفس اقتناص فرصة للأجر بنشر شيء من تلك الفتاوى مسارعة إلى الخير لعل الله أن يكتب لي أجر بيان شرعه، وأن يحقق لي صدقة جارية بعد مماتي فأنا أكثر الناس اضطرارًا إلى ذلك الأجر، وهذا سبيل طاعة أراه أقرب إليَّ، ومن ذلك كان هذا الكتابُ الإصدار الأول من سلسلة (فتاوى معاصرة) التي يشرف على نشرها الصندوق الخيري للوقف العلمي ببهلا، ويكون ترتيب إصدارنا هذا هو الثاني عشر (12).
أما منهجي في الإجابة فقرن الجواب بدليله، وإن كانت كتب نظام الفتوى تنص على أنه لا يلزم المفتي بذكر الدليل بل له أن يقتصر على بيان الحكم فقط، لكن المنهج الذي اعتمدته أن لا أخلي جوابًا من دليل يقرره حسبما أراه وييسره الله.
ومعلوم أن الفتاوى تعبِّر عن وجهة نظر المجيب دون سواه من جهة عمل أو غيرها خلال ظروف زمنية خاصة قد تتبدل فيما بعد مما يقتضي تبدل الجواب، وقد يكون للسائل وظروفه أثر فيها فلا تصلح لكل أحد إلا من اجتمعت الأوصاف التي بنيت عليها الفتوى فيه.
والفتاوى قد تفاوتت طولًا وقصرًا، تفصيلًا وإجمالًا لاختلاف ظروف كاتبها واختلاف ظروف السائلين، وقد كتبت عددًا منها وأنا في سنوات تفرّغي الدراسي خارج عُمان فبدت تلك الأجوبة طويلة للتفرغ لها، وقد يكون الاشتغال في بعضها سببًا لاختصارها.
وختام القول... هذا منتهى جهد المُقِلِّ معذرةً إلى الله ونصحًا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتِهم، فعسى الله أن يوفق إلى تقرير ما تريد الشريعة تقريره، وأن يتقبلَه بقبولٍ حسن، وأن ينفع به من قرأه، والحمد لله رب العالمين.